العنقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


ادارة مؤتمرات ندوات تنظيم مهرجانات فنية وعقد دروات في مختلف المجالات الحياتية الانسانية
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 عاشقة ....الأرض*** بقلم الصحفي غالب سالم عيا صره

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 152
تاريخ التسجيل : 06/02/2012

عاشقة ....الأرض*** بقلم الصحفي غالب سالم عيا صره  Empty
مُساهمةموضوع: عاشقة ....الأرض*** بقلم الصحفي غالب سالم عيا صره    عاشقة ....الأرض*** بقلم الصحفي غالب سالم عيا صره  Emptyالجمعة فبراير 17, 2012 6:38 am

عاشقة ....الأرض*** بقلم الصحفي غالب سالم عيا صره

وأمسكت حبات التراب تداعبها تتحسس ملمسها ، كرات صغيرة لكنها عزيزة تتساقط من بين أصابعها وإطراف كفيها ، تحنو عليها برفق ، تكتب بذراتها سطور الحياة يوم بعد يوم ، تنثر زهرها كربيع العمر ، على مساحات شاسعة من الأرض ، خُضرة وبهاء ، عشقا لفروع تتمايل وأغصان تتدلى ، تراقص بعضها بعضا .. كروم عنب استلقت على الأرض نائمة ، بجوارها أشجار الزيتون تعلوها وتكحلها بظلها الندي عند المساء ....

الصباح تائهة أفكاره بين الأرض والإنسان ، الذي أفنى سني عمره يكابد ، ويصب عرقه ليسقي عروق اشجار وحبات نوى ، فكانت لوحة فنية متنوعة ، رسمت ألوانها بأزهارها الوردية وامتداد ظل أشجارها.., أمضت أيام حياتها بعمل شاق لكنه يريح النفس ، كلما هب موسم للحصاد تنادى الأهل والأحبة إلى العمل ، يقفون جماعة ..جماعة تلتحم الأصابع وتتشابك بأغصان الزيتون ،لتقطف حباتها...أصوات متعددة متناغمة تبعثرت هنا وهناك ، كحبات التراب وهي تنساب من يديها .. كانتشار السحب في السماء .... ثورات تتأجج .. اعتصام يقطع الطريق .. الآلاف الناس جلسوا على الممرات ينتظرون بصمت غدهم الملوث بالدماء والدخان ، رحل الأمن ورحلوا معه ، تركوا الأرض ، وشجرها وعشق ظلها ، وانتقلوا إلى الشوارع والساحات وبين أروقة الفنادق وردهاتها...

عجوز في الستينيات من العمر جلست .. ألصقت جذعها بجذع شجرة زيتون ، ثم أطرقت تطالع أغصانها تراقبها.. تلاحق الأغصان حيث الرياح تضربها بنفسها .. كأنها دقات ساعة ، تُملي على العقارب ثواني الحياة ، الأغصان ثائرة على جذعها ، تحاكي الناس في الساحات والشوارع لكن حبها وانتمائها وولائها لساقها وجذورها لم يتغير ، وان كانت فروعها وأغصانها تعانق السماء .. ارتفع خفقان قلب العجوز بدأت تستعيد من غاب ورحل ، مكبلا بهموم الحياة ..مضطهدا مبعدا من ضيقها واستبدادها ..

تبدلت سكينتها بالخوف من المجهول ... فالأرض مهجورة ما زالت تطالع نظرات عيونهم وقلوبهم المشدودة إليها ... لكنه رحيل بعد رحيل، حتى أضحت بمناىء عنهم وتغيير حبهم لها ، كما تغير وجه أمهم العجوز التي كانت في ريعان شبابها فلم تعد قوية ووجهها الجميل تقاسم تجاعيد الأرض التي تحبها وغابت نحافة جسمها الممشوق وشعرها الأسود إلى نهاية ربيع الأرض لكن نفسها ما زالت شابة العنفوان والكبرياء حب يتجدد بروح تعشق الأرض والحياة نسيها أبناؤها المشردون .. وزوجها الذي يقبع في زنزانة العدو ..

أمل لديها يتجدد بعودته كلما عاد ربيع الأرض تنتظره سنة بعد سنة تجدد عهدها بالبقاء على الأرض التي داستها قدماه تبارك يديها بترابها الطهور لان دمائهما مزجت واختلطت بتلك الحبيبات من أرضهم فكانت جزء من حلمهما الذي غرساه معا في ساحة قلبيهما فلا يزال ينبت زهرا نديا ويعبق عطرا يتطاير بين جنبات النفس وينتج زيتا يضيء مشعل حياتهما يرقد في حجرات قلبها المتيم المكبول وها هي تمر بأرضها صامدة ترعى شجيراتها تتفقدها كجزء من نفسها فهي كل ما تبقى لها ، وأقبلت شمس الصباح باهته يلفها الحزن توقفت تنظر إليها ..

يا الله!! الشمس أخفتها غيوم السماء والنفس تخفي بين طياتها غيوم القهر والاستبداد والرحيل .. صوت قادم من الشرق كان يرتفع شيئا فشيئا حركة آليات مجنزرة توقفت على مكان مرتفع قبالة أرضها جرافة تابعت المسير باتجاه الأرض يرافقها مجموعة من الجنود صوبوا بنادقهم نحو العجوز تقدم احدهم إليها وهي تراقب وبيده ورقة وبدأ يقرأ منها حتى وصل إلى القرار قائلا" عليك إخلاء الأرض ومغادرتها خلال عشرون دقيقة " ثم أدار ظهره ولم يعد يسمع شيئا .. ووقفت العجوز أمام القرار تحاول منعه فالتف جسدها بساق زيتونتها لتمر العجلات على جسدها قبل أن تمر على أرضها تقتلعها قبل أن تقتلع أشجارها اقتربت الجرافة وغرست فمها في جسد العجوز وأرضها بلا رحمة ولا إنسانية لتدفنها حية بين جذوع الأشجار والتراب حملها بعيدا، وعلى حافة الطريق رمى بها هرع الناس من شوارعهم واعتصاماتهم واختفى صوتهم إلا من النواح ولكن بعد فوات الأوان حيث افقدوا الناس أمنهم وأرضهم وفتحوا للعدو أن يقتلع أمهاتهم وجذورهم .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://gale.jordanforum.net
 
عاشقة ....الأرض*** بقلم الصحفي غالب سالم عيا صره
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» يوم الأرض العالمي لحماية بيئتنا !!! الصحفي غالب سالم عياصره
» القتل .......من اجل ؟ *** بقلم الصحفي غالب سالم عياصره
» القتل .......من اجل ؟ *** بقلم الصحفي غالب سالم عياصره
» الضحية والجاني *** بقلم الصحفي غالب سالم عيا صره
» إرادة .. ونهضة شعب *** بقلم الصحفي غالب سالم عيا صره

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
العنقاء :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول-
انتقل الى: