حب كاذب *** غالب سالم عياصره
آثرت الصمت على زوجي حتى لا ينهار الود بنينا ، فحبست صوتي وعقدت لساني ، وتركت سمعي يلملم حروف الكلمات ، التي يرسلها عبر جواله الى فتاة يغازلها ، يبث لها اشواقه وحبه ونيران قلبه المكبول وأحاسيس ومشاعر ملتهبة ..
على بعد خطوات وقفت استمع مكالمة زوجي ، الذي اطمأن لخلو المكان ففتح سماعة هاتفه الخارجية ، يتمتع بصوت الفتاة ، ويصنع من حلو الكلام وشائج حب كاذب ، وشباك يصطاد بها فرائسه ، التي تعمى عيونها عن الخيطان ، فتنزلق داخل شباك الصيد العنكبوتية ، المصنوعة من الكلام المعسول الرائق الناعم المَخملِي .
كانت تنساب كلماته كأنها ماء بارد في يوم صيفي حار ، تطفئ ظمئها وتوقظ انوثنها ، وتلهب كيانها يشدها صوته فيهتز قلبها لرنة هاتف .. تعلقت نفسها بحب قادم عبر الاثير .. كلمات تستدرجها وتحملها الى المكان الذي يريد من فراشها من غرفة نومها .. يشتعل قلبها نارا عندما لا يكلمها
امضت ايامها تنظر لحظة لقاء يجمعها به .. يجعلها جزء من حياته ، عاشقة تملك قلبا دون عقل ، سلمت وصدقت بكل ما يقول ، فأغدقت عليه المال كلما طلب ، ثم فتحت له باب منزلها .. وعرفته على افراد اسرتها فسحرهم بكلامه ، وحسن نواياه وطيب منبته ، وأناقة يتقن اخراجها .. ليظهر بأجمل صورة امام تلك الاسرة..تقرب من قلب ام الفتاة وتغلغل .. تودد الى ابيها وتواضع .. لبس ثوب الخلق وأتقن التمثيل حتى بات يدخل بيت محبوبة دون موعد وبلا قرع جرس ، اسلموه مفتاح مكتب عملهم ، يدخل في أي وقت حضر ، فتمكن واستمكن ، صار يعدل ويهيكل في ديكور المكتب ويصمم شعارا جديد و..و .. و الخ دون حساب .. فهو فوق الشبهات ....
وفي غمرة بحر الحب الذي سكن نفس الفتاة وجسدها ، وتلاطم امواجه ، وغيبوبة العقل ، وطمع الاهل في ولوج ابنتهم عرش مملكة الزواج . من ذلك الشاب الذي اوهمهم انه يعمل في احدى الجامعات .. غير متزوج ، وان حياته يتوقف نبضها ان لم يسعفه الحظ بالزواج من ابنتهم ، منحوه ثقة عمياء اتاحت له ان يحقق هما اثقل كاهله وتلون من اجله فالمال والجمال هما متعته ولعبته فبدأ بسلب المال الى ان تتاح له المتعة بالجمال .. .لكن ساعة الحسم دنت على يد زوجته ، التي ما فتأت واقفة تسمع مكالمة هاتفية له ، يبث أشواقه بعبارات عاطفية ..
شعرت بالغيرة وكظمت غيظيها في نفسها ، والدموع الصامتة تترقرق على خدها ، فهي مازالت تعشقه وتبذل قصارى جهدها لإسعاده ، فكرت أن تناقشه في ما رأت وسمعت ، بيد أنها آثرت الصمت كي لا يقع الخصام ، فقررت ان تكشف أمره للفتاة وأهلها .. تركت المكان وابتعدت قليلا وأخذت تنادي كي يحتسي القهوة معها . ..ناولها هاتفه ودخل يغسل يديه ..
فتحت الهاتف وسجلت رقم هاتف الفتاة دون ان يشعر ، وبعد ان شرب القهوة طلبت ان تزور اهلها .. اودعها بيت اهلها .. وطلب اجازة .. ثم ذهب الى احدى الصيدليات واحضر حبوبا منومه .. أعاد اتصاله مع فتاته التي جلس ينتظر قدومها ..
كان يطل من النافذة يتابع حركة الشارع بين الحين والآخر لم يمضي وقتا طويلا حتى قرع الباب اسرع .. فتح الباب .. فكانت المفاجأة بان الطارق الفتاة ومعها زوجته ، احمر وجهه وعقد لسانه ، انكشف الزيف وسقط قناع الكذب وانكسر ، لجمته الصدمة ومادت به الارض ، عندما وجد زوجته امامه مع الفتاة ، تناول حبوبا مهدئة فكانت تلك التي اشتراها لينوم الفتاة ، فنام مع ضميره يريح ويسترح .
http://www.alkaramaonline.com/index.php?option=com_content&view=article&id=32645:2012-09-12-21-55-49&catid=105:2011-10-08-08-13-18 
