تحطم اللقاء *** غالب سالم عياصره
دنت ساعة الهبوط .. طائرة تحوم في مدارات مرسومة سلفا ، عيون تحملق في الجو تتبعها حيث تختفي للحظات و تظهر من جديد تبحث عن مسار على الارض لتهبط فوقه اضطراب مشوب بالحذر والتوتر انها ساعة هبوط قاسية لا يتضح ما بعدها ، مضت لحظات ثقيلة .. اعطى البرج اشارته الى الطيار بان يبدأ الهبوط ،وبين خوف و رجاء حطت الطائرة على ارض المطار سارت مسافات ثم جثمت ، علت الفرحة و جوه المنتظرين على الارض زال الانقباض و بدا الركاب يتدفقون نحو ابواب الخروج جماعات و افرادا يدفعون حقائب السفر والهدايا التي جمعوها في غيبتهم عن ارضهم .
امرأة و اطفال وشيخ كبير وقفوا يجولون بأعينهم بين الناس يبحثون و ينتظرون كغيرهم قدوم الغائب الحاضر في نفوسهم ، يتفقدون ساعاتهم مرة بعد مرة ، وهم على اشد ما يكون من الشوق و الحنين لذلك الغائب ، خرج الركاب من الطائرة .. هدأ الضجيج اختفى صوت الناس والزغاريد والحركة ، وما زالت عيونهم ترقب ... لم يات بعد ..
عضهم الشوق و تسلل الى قلوبهم الخوف والرعب وتباعد الامل والرجاء ، كلما دارت عقارب الساعة وانقضى وقت جديد ، تقدم الشيخ الى احد الموظفين شرح له بأنه بانتظار ابنه امسافر .. فاخبره بأنه قادم على متن رحلة اخرى سيصل بعد ساعة .. ومع اقتراب الفجر حطت طائرة اخرى ركض الاطفال الى البوابات تتبعهم امهم صاح الأطفال ابي .. لقد حضر ها هو يسير هناك كانت خطوات بطيئة .. والى جانبه فتاة ترافقه يتجاذبان اقطاب الحديث ويتقاسمان الضحك والابتسامات .. تشد خطاها الى خطواته
ممشوقة القامة لباسها يضغط على جسدها يصفه ويخنقه البنطال ، وقطعة قماش لا تغطي جسد طفل .. وصلا الى حيث الاطفال يقفون غارقين بمتعة الحديث لا يسمعون الاصوات التي تنادي ابي .. ابي ارتفعت الحناجر أكثر فأكثر .. تنبه ناحية الصوت تلكأ تغيرت ملامح وجهه وانكمشت خطواته
مال الى الفتاة التي بجانبه وهمس بلهجة اجنبية يخبرها بان الذين ينادونه هم أطفاله وأبوة وزوجته التي تهيأت لأسعد ساعة فلبست زهور اناقتها ونشرت عطر ماضيها وحاضرها .. جمعت زهر عمرها تقدمه كأجمل هدية عند اللقاء .. تعيد انوثتها يوم زفافها .. لكن الفرح قتل والسعادة تلاشت لحظة ان قدمت الفتاة نفسها بأنها زوجة رفيق عمرها ، وجاءت تكمل باقي حياتها مع هذا الشاب الذي اختارت ان تشاركه حياته وان تضحي من اجله
تصادمت الفرحة وتراجعت في نفس الام والأطفال وتحطم اللقاء ، وانطفأت نيران الشوق وتبخر الامل ، وانتفض صوت الغيرة والرفض .. للزوجة الجديدة .. لطمت وجهها ، وسُكب دمعها ، وعلا صوت بكائها على سني الانتظار والتحمل والصبر ..وهي تكابد نفسها وتحرق شمعات عمرها ، تقنن كل شيء كي توفر المال ليعود بشهادة عالية ، تفخر بها وتكون سعادتها .. فسد اللقاء وفاحت رائحة الغدر ونكران الجميل اشاح الاب والزوجة والاطفال بوجههم
وتكدس عليها الوجوم والحسرة تركوه مع فتاته الجديدة مسحت الام قطرات الالم وغادرت المكان الى بيتها من حيث اتت ......
http://www.alkaramaonline.com/index.php?option=com_content&view=article&id=31213:2012-08-27-18-46-13&catid=105:2011-10-08-08-13-18 
