العنقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


ادارة مؤتمرات ندوات تنظيم مهرجانات فنية وعقد دروات في مختلف المجالات الحياتية الانسانية
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 زغاليل وزغاريد الامل *** غالب سالم عياصره

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 152
تاريخ التسجيل : 06/02/2012

زغاليل وزغاريد الامل *** غالب سالم عياصره Empty
مُساهمةموضوع: زغاليل وزغاريد الامل *** غالب سالم عياصره   زغاليل وزغاريد الامل *** غالب سالم عياصره Emptyالسبت سبتمبر 15, 2012 1:15 am

زغاليل وزغاريد الامل *** غالب سالم عياصره



قَصف الموت غصنا يانعا ، زاهيا بالنضرة والشباب والحياة ، فتَقتهٌ براعم الربيع في الكون ، فازدانت به السهول والأودية والجبال .. سعى الى متسع الارض ليعيش حرا كريما .. رفض الذل والهوان والانصياع .. انحازت نفسه الى الثورة على الظلم والطغيان والفرعنة والذبح والاستحياء .. وفاء للوطن وإخلاصا لقلوب وأجساد مكلومة ، تقطر دما تحت الانقاض وركام الابنية وعلى قارعة الطرقات وبين الاشجار .. تتساقط كحبات مطر ، هز سكونها ضياء البرق وصوت الرعد ، فزمجرت ماء منهمر ليكون بعد سكون ثورتها وصفاء جوها ربيع الحياة يغطي الارض .. يغمرها بأريج عطره ، وشذى نسماته التي تمتد عبر كل الامكنة والأزقة والأحياء .. عطر حياة الحرية الندية اليانعة ، تزيح ثلج الاستبداد وبرودة النظام ، وقهر فرعون وهامان وخطيئة قوم لوط وعاد وثمود اقوام بعد اقوام ، تعيد صوت الزمان الغابر للمكان .. صوت صهيل خيول فرسان الحق ، خالد والجراح ، لتقطع لسان الاسد وأعوانه وتهدم قصور النيران ، مثلما انهت نهر دم هولاكو .. لتقيم دولة الاخلاق في وطن الاخلاق والرسالات

كانت تسير وأطفالها بهمة عالية لا تنحني ، تشد الخطى مع غيرها من النسوة وبعض الرجال المرشدين الذين عرفوا الارض والطريق ، تناجي الجداول التي تمر بها بصمت ، فالليل حالك ، والأرض غليظة على اقدام صغارها وقدميها ، تمسك بأيديهم وتحمل بعض الامتعة لهم على كتفيها ، وهي تسمع حشرجة الجداول تجيبها ، وحفيف الاشجار ينقل نبض قلبها ، بأن الالم يعتصره ، فالصخور والجبال تقف امامه تصد طريقه .. تشكو وتنتحب لكنها تتابع مسيرها .. تَحِّتُ من الصخور والجبال ما تَحِّتُ .. ماضية في كفاح لا ينتهي ما دام الجبل والصخر واقفا ، يكسر خطر سيرها .. يعاند حريتها ان تنطلق .. تسير تروي اغصان الحياة عبر اودية ممزوجة بالدم والماء ، فتصفق الاغصان متمايلة لنسيم الحرية الاتي ... بحشرجة صوت الصدور وانين محتضر يلفظ انفاسه الاخيرة .. زوج هناك وأخ تركت جسده ممددا بين الانقاض ..

خرجت من قصف الموت وقلبها تنازعه الميول والحنين والذكريات ، تشد الخطى مع النسوة كالجداول والغصون ، تتألم كغيرها .. شامخة النفس عالية الهمة ، تكابد الحياة التي لا ترحم ولا تلين .. تتسامى ان تقاس محنتها بالأرقام الحسابية والموازين المنطقية لان ما فيها غير محسوس ولا منظور .. لا يقاس إلا بمقياس العواطف والمشاعر والإحساس .

تجر طفليها بيدها تحملهم تارة وتضعهم تارة اخرى ، فهم ما تبقى لها بعد رحيل زوجها .. لعل عيشها يزدهي بهم ثانية زغاليل وزغاريد الامل ، ليعود الربيع مرة اخرى الى صحراء الاستبداد العابسة يحمل اليها النضارة والخصب .. وتشرق العيون الغائرة بالزهو والرجاء ، وتستعيد الشفاه اليابسة بسمات البشاشة ، كي تتفجر ينابيع الالم املا ...

طريق طويل وقلب يرتجف ، وليل حالك وظالم نثر قواته تغلق المسالك والدروب ، عشرات الامتار تغادر ارض وطنها ، حيث انتشر القتل واستبيحت بها الاعراض ، لكنها

المسافة طويلة في نظرها ، كأنها عشرات الكيلو مترات تتراءى لها بيوت في سهول حوران ، وتلة خالد وبلدة الشجرة والطرة وعمراوة ، حركة بطيئة هادئة لكل المتشردين .. كانسياب الماء في النهر حتى لا يراهم جيش الاسد ... طلقات انارة تنفجر في السماء اضاءت الارض والمكان .. "جماعات من الناس تحاول العبور نحو الاردن صوت الاجهزة تخاطب بعضا .. الى جميع الكمائن افتح النار على كل متحرك" ...

تشتت الناس وتدافعوا واندفعوا يركضون بسرعة تجاه النهر من نقاط شتى ، ركضت كغيرها والطلقات ترافق الجميع تنساب من بينهم كالأشعة تخترق اجساما وتخطىء اخرين .. لكن نصيبها من تلك الطلقات جاء الى طفلها رصاصة اخترقت صدره فسقط من يدها على الارض ، انثنت على فلذة كبدها تضغط بيدها على الجرح تريده ان يعيش .. صوت هزها من احدى النسوة .. اتركيه .. مات .. ويد شدتها بقوة وسحبت طفلها الاخر .. بسرعة اتجهن ليرتمين في مياه النهر ، يكسرن الخوف ، وابل الرصاص ما زال يؤز في المكان ، وهن يسبحن بمياه تلونت بالأحمر الفاتح والقاني الى ارض الاردن .. ارض السلام والسلامة ..

وقلبها ما برح يحس ويحب ويحن الى الطرف الاخر من النهر ، ارض وطنها حيث تمدد جسد طفلا في العراء .. ارتفعت روحه الى السماء ، ترك جرحا مفتوحا في صدر ام ما زال ينزف دما وينفث نارا . . فزفراتها على الارض الاردنية قطرات من ذاك الجرح ، وجرح الجداول التي مرت بها .. تسفها الى روحه الزكية الطاهرة .. فغرقت في الدموع " وليس لها امل الغريق " ....
http://www.alkaramaonline.com/index.php?option=com_content&view=article&id=30561:2012-08-19-21-44-41&catid=105:2011-10-08-08-13-18
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://gale.jordanforum.net
 
زغاليل وزغاريد الامل *** غالب سالم عياصره
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» صوت ينادي *** غالب سالم عياصره
» حب كاذب *** غالب سالم عياصره
» العنقاء الصحفي / غالب سالم عياصره
» تحت المقصلة *** بقلم غالب سالم عياصره
» خوفا من العار ***غالب سالم عياصره

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
العنقاء :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول-
انتقل الى: