جلباب العفة *** غالب عيا صره
عاشت في اسرة تحب الصفاء والعفة والنقاء وطهارة النفس والجسد وتربت ان يكون لباسها الستر والحياء .تعودت ان تقف في الصباح امام المرآة تتفقد هندامها وتشد حجابها تدقق النظر تتأكد ان كل شعرة من رأسها تحت الحجاب قبل ان تخرج الى العمل .. تبذل جل اهتمامها ان ترسخ نور السماء .. تفجر الحياء والعفة طهرا على الارض .. معلمة تعلم طالباتها وزميلاتها ان يجعلن لباسهن مرضيا لله
فهي كغيرها من النساء امرأة .. فيها رقة وقسوة ، بساطة وغموض ، قوة وضعف ، وجاذبية وكل ما تتصف به النساء من صفات متضادة ، تجذب الرجل تسيطر على قلبه وكيانه... ابت ان تكشف شيئا من جسدها او عورتها فهي صاحبة جلباب العفة والطهارة ومعلمة الاجيال .. لكن حياتها اصبحت مرهونة ببقاء الجلباب او عدمه تتحدى رغبة زوجها يريدها ان ترتدي ما يناسب ذوقه من لباس فاضح كاشف مجسد لكل مفاتنها يطالبها ان ترمي بحجابها الذي تعودت عليه طيلة ايام صباها في بيت ابيها ، يريدها امرأة تخطف الابصار تخالط الرجال وجميع معارفه فلباسها يسبب له الكثير من الاحراج .. يضيق يتأفف ويعلو صراخه كلما اراد ان يصحبها معه الى حفلة او سهرة يطلب اليها تلبس لباسا ضيقا يكشف مفاتنها ثم ينتهي الامر بمشكلة يتركها وينطلق الى جلسائه .
حاولت استرضائه وإقناعه ان عنوان حياتها لباسها وان التبرج والسفور لا يجعلها امرأة حضارية صاحبة شهرة إلا انه في كل مرة يزداد تعنتا وإصرارا .. اتخذ قراره وعزم امره فتح خزانة ملابسها وجمع كل ما فيها ووضعه في كيس وأرسله الى الحاوية ثم وضعها امام الطلاق او لباس ما يريد ..
انعزلت الى احدى غرف بيتها تفكر تستعرض حياتها تحاول ان تجد مخرجا مما هي فيه ترنو الى البيت الذي ضمها وولديها .. بقي واقفا بحجارته ونوافذه بعد ان تلقف الموت ساكنيه ، ما يزال طاهرا نقيا ومع مغيب الشمس تقدمت بقرارها الى زوجها بأنها لن تتخلى عن جلبابها بأي ثمن فالقى كلمة الطلاق التي حرصت على ألا تسمعها ولا تصل اليها طيلة حياتها الزوجية .. اختارتها مرغمة ثم خرجت مسرعة لا تحمل شيئا إلا كتاب الله وكتيب ادعية تريد ان تصل الى بيت لفها وسترها وجملها بالعفة ..
نبضات قلبها تتسارع ترتفع يضيق النفس .. زاغ بصرها فلا ترى سوى خيالات .. سقطت على الارض مغشيا عليها طوق من المارة تحوط حولها .. اصوات تنادي سيارة يا اخوان بسرعة .. يد تضغط بقوة قفصها الصدري كي تعيد نفس الحياة .. جسد ممدد يصارع النزع الاخير توقفت نبضات الحياة .. سكنت كل جوارحها حيث سقطت وبقي بيت ابيها ينتظر قدومها الاخير .. حجارته القديمة تحاكي جلباب عفتها .
http://www.alkaramaonline.com/index.php?option=com_content&view=article&id=28725:2012-07-28-12-10-29&catid=105:2011-10-08-08-13-18