زهرة قطفت *** بقلم الصحفي غالب عياصره
ساعة او اقل حتى تدخل قاعة الامتحان لتكتب على ورقة اجابات لأسئلة سهرت ليلها من اجلها ، وساعة اخرى يعلن نجاح يقدمها ، وينتقل بها من سنة جامعية الى أخرى، ترفع او تخفض معدل. امل حياتها العلامة. مقياس كل طالب تهز كيانه او يستقر بنيانه للأعلى درجة .. درجة... حتى التخرج وفتح ابواب الحياة ... ،هذا يجول في ذهنها قبل الخروج من البيت
حملت دفترا وكتابا وحقيبة يرافقنها كل يوم ، ادركها الوقت فلم تسطع تناول شيء ؛ ضاقت دقات الساعة وهي لا تزال تقلب صفحات كتابها ودفترها وقلم ،يتحرك يكتب ويكتب حلولا لأسئلة مختلفة ، وقوانين تتشابك في حقول المعرفة ، تتقارب بالأحرف وتتباعد في النتائج ، وفي عينيها يتمدد احمرار وتوهج من شدة التعب والسهر ... بؤبؤ يراقص شعاع شمس الصباح ، نسيم ينساب خفيفا ناعما ينعش الحياة يبعد التعب ، لكن الحلم والأمل بين يديها تقلبه .. صفحات كتاب ، تحاول ان تحفظ احرفه ولا تتخطى شيئا منه ...
فتحت الباب وخرجت بهدوء كنسمة الصبح المنسابة مع شعاع الشمس اسئلة وكلمات ورموز مختلفة متنوعة تناقش مضامينها اثناء المسير ، أشارت بيدها الى حافلة ركاب قادمة ، قفزت الى مقعد خال وجلست ، تستعيد قراءات الليل تريد الأمل المنشود ان تتخرج .. صيدلانية .. تقدم الخير .. تقطف من حديقة الحياة ، كل يانع علم وخلق وإنسانية ، تغلف معانيه علاج وومضات حب .. كحبات صغيرة من العلاج تقدمها الى مريض ينتظر على شباك صيدلية مشفى .
شعور تملكها داعب طموحها ، يتغلغل في نفسها أنساها مسافة الطريق ، حتى تراءت لها بوابة جامعتها من بعيد ، مكتظة بالطلبة .. ضربات خفيفة على زجاج الحافلة كي تتوقف .. نزلت تشد الخطى الى القاعة .. اشار اليها استاذ بالتوجه الى كرسي في المنتصف .. اخذت مكانها .. لحظة توتر تضغط اعصابها .. مع دخول عميد الكلية قاعة الامتحان ، ليعلن بدء توزيع الاسئلة ... اخذت ورقة .. استعرضتها .. سهلة .. حمدت الله وراحت تجيب و تعصر علمها .. تضعه حروفا ومسائل تنساب على الدفتر دققت جميع الاسئلة ، ثم نهضت لتسلم ورقتها ..
وغادرت القاعة مسرعة يغبطها الفرح والسرور ، تعلو شفاهها البسمة تفاءل كبير وسعادة لا توصف ، وهي تتابع سيرها عائدة الى البيت ، لتشارك اخاها فرحة تخرجه من كلية الطب ، حيث العائلة مشغولة بإعداد حفل وإقامة وليمة غداء و .. و ..نزلت من الحافلة وسارت على حافة الطريق تريد ان تصل الى جسر المشاة لترقى درجاته ، مبتعدة عن السيارات وجنون السائقين المستهترين بالبشر والأرواح . فهم لا
يملكونه إلا السرعة ، واستبدالها بسرعة أكبر .. ضحايا تموت على ارضها .. ضاعفت خطوات سيرها وهي لا تزال على حافة الطريق ..
.. صوت سيارة مسرعة تهبط كصاروخ ،ضغط سائقها المكابح بقوة .. صريك ودخان عجلات .. انحرف .. واندفع الى حافة الطريق ، ليوقف الاحلام الوردية ويقطف زهرة العمر قبل ان تكمل فرحتها ، حملها جناح الموت وقذف بها بعيدا ، فسقطت على الارض طريحة ساجدة ، حطم الامل .. خطف حلم طالبة جامعية ، هاتفها لا زال مفتوحا عندما كانت تحادث امها .. صمتت .. ودمائها تسيل .. .. لكنه اصبح ينقل صوت سيارة اسعاف بدلا من كلمات ابنتها .. هرعت الى المشفى لتجدها ممدة على طاولة .. بعد ان انتقلت الى مثواها الأخير ..
وفي المساء حضر وجيه الى عشيرتها .. تناول فنجان قهوة وضعه على الطاولة وتركه ممددا .. دون ان يشربه .. يطلب الصفح عن السائق وإخراجه من السجن .. ثم امتشق ورقة عنونها بصك صلح .. ورقة اخرى شيك..!!!
http://www.alkaramaonline.com/index.php?option=com_content&view=article&id=26636:2012-07-01-10-03-11&catid=105:2011-10-08-08-13-18
