بيته في الدنيا وبرزخه في الاخره... *** بقلم الصحفي غالب سالم عياصره
مد بصره عبر منظاره ليرى الافق البعيد وأرسل شعاع عينيه يتحسس خطرا قادما صوته غير مسموع لكن احساسه يؤكد انه قادم لا محالة من ذلك الاتجاه ، كانت نظراته تراقب وتتعمق في الافق انها ساعة او ساعتان ينبلج الصبح وينسحب الليل من امام النهار مسرعا.
يلف ظلمته ويخفي ظله كعادته كل يوم .. تعب يغزو عينيه .. التي لم تذق طعما للنوم منذ ايام خلت سوى لحظات تخطفها تسترد عافيتها بسبات خفيف بات يكابد زمن الهول والترقب ، والنوم ما يزال يتسلل عبر الجفون يحتلها يسكنها حينا فيتنبه ويطرده خارجا بغسل وجهه تارة وبالحركة تارة اخرى وبذكر الله .. وسائل متعددة يستعملها ، ليبقي عينيه مفتوحة ، تحملق في الارض و بين السماء تمشط .. وتمسح الاثنين معا مرة بعد مرة .
اصوات كثيرة تكسر جمود الليل والمكان.. وخلف الجبال البعيدة صوت امرأته يهمس انه لن يعود فقلبها يؤكد لها بخفقانه المضطرب تارة وسكونه المميت، فزوجها يقف خلف الحديد .. ثابتا .. لا يريد ان يخذل الارض وصوت امه الذي يتردد الله ينصرك ....
صوت انفجار دوى تبعه عصف شديد قريب من المكان لكنه غير مؤثر وابل من النيران انصب يهوي ويخترق الارض من حوله بشكل عشوائي وهو ما يزال داخل حفرته ينتظر فرصة تواتيه للرد والردع ، شيء واحد كان يلازمه الارض والعرض ، فان راحت الارض تمزق العرض وحل العار ،لا بد من دفاع يغسل العار ويبقي الديار طاهرة نقيه .
تقدمت مجموعات من الدبابات مندفعة تجاه موقعه كان صوتها يقترب نحوه شيئا فشيئا لكنها ما تزال بعيدة عن امكانية اصابتها وتدميرها بقي يتابع حركتها ويمرر ملحوظاته الى زملائه الى ان اصبحت تحت مدى مدفعه صاح بقوة ارم .. ارم صوت انفجار هائل وحريق ، لقد اصيب الدبابة الأولى للعدو ارتفعت المعنويات ، وتعالت صيحات الله اكبر ، الله اكبر....
رد العدو بعدة قنابل ، اصابت بعض زملائه ، تابع رمايته للمرة الثانيه فدمر دبابة اخرى ، ضاق العدو ضرعا واستشاط غضبا، حوّل هجومه نحو ذلك المدفع ، الذي نزل بساحتهم يحصدهم يدمرهم ، تحركت دباباته وانتشرت في المكان ، وبدأت تقترب اكثر فأكثر ، وهو ما يزال بشجاعة واقتدار يدير معركته ، طلب منه قائده ان يترك مدفعه ويتراجع، اصبح هدفا لكل القوات الغازية ، التي طوقت الموقع حيث سارت احدى الدبابات المعادية واجتازت الموقع في حين كانت دبابة ثانية تدمره وتتحرك باتجاهه حتى داسته ووقفت فوقه لتمحي معالمه مات في خندقه.. بيته في الدنيا وبرزخه في الآخره .
http://www.alkaramaonline.com/index.php?option=com_content&view=article&id=24932:2012-06-10-07-34-42&catid=105:2011-10-08-08-13-18
