تعريب الجيش ..طلقة أخرى تكسر القيد
*** بقلم الصحفي غالب سالم عيا صره
زف جلالة المغفور له بإذن الله الملك الحسين بن طلال ـ طيب الله ثراه ـ نباء عاجل أثلج صدر الشعب الأردني ، كان لحظة فرح عارمة طافت بكل بيت و أذن ، فلم يكن في ذلك الوقت وسائل اتصال متوفرة كأيامنا ، فهب الناس يتقاطرون إلى وجهاء عشائرهم يستطلعون الخبر، ويباركون لبعضهم بعضا ، ويهنون أنفسهم بالقرار الشجاع ، الذي اتخذه جلالة الملك الحسينـ طيب الله ثراه ـ لتحرير الأرض والإنسان من هيمنة الأجنبي على مدى عقود خلت ، ذاق الناس خلاله أصناف العذاب والمحن ، فاشتاقت أنفسهم إلى الحرية والاستقلال ، وكسر القيد الذي لف الأرض الأردنية وأدمى معصم جبالها وصحرائها ، كما ضاقت بهم الدنيا بما رحبت ، لما كابدوا من اضطهاد ، وسلب للأموال ، واستغلال للثروات واحتكار للسلطة والمناصب العليا في الجيش العربي من قبل اليد الأجنبية .
فكان يوم الأول من آذار طلقة أخرى تطلق من ثرى الأردن الطهور ، بلسان صقر من صقور قريش ، لتصيب كبد الاحتلال ، وتزيح الغمة من ارض الله المباركة ، وتكتب تلك الكلمات خالدة في صفحات التاريخ والمجد ، وضاءة بعزم قائلها جلالة الملك الحسين ـ، رحمه الله ـ حيث هوت بجبابرة الأرض في ذلك الزمان ، وحاصرت وصاية المملكة المتحدة التي كانت الشمس لا تغيب عن مستعمراتها ، فجاءت كلمات الحسين تزيل غمامة الاستعمار وتنير للأجيال طريق الحرية والرخاء والنهوض.
فكان التعريب الذي يعيد البسمة على شفاه الأطفال ، ويمسح الهيمنة الأجنبية والاستبداد، ليسلم القيادة لرجال أقوياء شرفاء غيورين على الأرض الأردنية ، وفخورين بالقيادة الهاشمية ومخلصين لها قلبا وقالبا ، وهم حريصون على كل ذرة من تراب هذا الوطن الغالي ، فلا يمارون في الحق ولا يتخاذلون في الدفاع عنه ، و يرفعون أكفهم إلى السماء كي تحفظ قيادتهم الهاشمية ويمد في الله عمر مليكهم الشاب آنذاك الحسين بن طلال . واليوم يعيدنا إلى ما سبق ،ونحن نقف وقفة حق نبايع ،ونعاهد ، الملك الشاب عبد الله الثاني ، الذي قدمه والده الحسين ـ رحمه الله ـ إلى الشعب الأردني والأمة العربية منذ ساعات قدومه الأولى ، ليحمل راية العز ورسالة المجد ، ويتقدم الركب ، يحفظ العهد والوعد ، فها هو يحترم الصغير ويوقر الكبير، ويشحذ ألههم ويساعد الفقير والمحروم والبائس، ويبحث عن كل إنسان محتاج أينما وجد ليأخذ بيده ويعينه على الحياة .
وليقيم جلالته دولة الأردن على المودة والرحمة والإخلاص للشعب والإنسان ، فيتفقدهم بين الحين والآخر ، وينشر الحب والألفة والتواضع والتفاني في العمل بينهم ، ويعلم الناس في الدنيا كلها أن القيادة ليست كلاما ، بل حِسا مرهفا يستشعر مواضع الخلل فيعالجها قبل أن تستفحل ويمحصها ، ثم تكون الرحمة والابتسامة والتواضع طريقة الهاشميين في معالجة الأمور ، فهم أحفاد رسولنا صلى الله عليه وسلم ، حيث قال الله تعالى واصفا خلق نبيه ( وانك لعلى خلق عظيم ) وعلى هذا الأساس ينطلق جلالة الملك عبد الله الثاني يحمل رسالة عمان يشرح الإسلام ، ويبين من هم المسلمون ، ليبرهن بأننا قادة مجتمع إنساني ، وبناة وحضارة ضاربة في التاريخ جذورها ، ننأى عن الإرهاب والتطرف والقتل للنفس الإنسانية ، مهما كان مذهبها وهويتها ، وان الأردن يدعم ويساند كل يد تكافح من اجل الحرية والعدالة والمساواة والمحافظة على حقوق الإنسان وكرامته .
رسالة الإنسانية والمحبة العدل تتواصل من الشريف الحسين ـ طيب الله ثراه ـ إلى أحفاده من بني هاشم الغر الميامين ، يعلمونها للأجيال ، بالكلمة الطيبة والحوار الهادف البناء، متخذين قوله تعالى طريقا لقيادة والوعظ وإدارة كافة مناحي الحياة "وجادلهم بالتي هي أحسن " فأصبحوا بنعمة من الله وفضلا ولقد حقق الأردن منذ فجر التعريب ،تقدما في مختلف المجالات الاقتصادية والإنسانية والصحية والتعليمية ، والمجال لا يتسع للبحث ،إلا أن ابرز انجاز تحقق هو القرار الجريء والشجاع ، الذي أنهى القيادة الأجنبية وعزلها عن إدارة الجيش وتسليم تلك القيادة إلى ابد عربية أردنية محبة للوطن والقيادة والشعب ن لتجسيد طموحات الأمة والشعب ، في التحرر وتدافع عن مكتسبات الوطن ومنجزاته، فكان القرار انجازا قوميا عمَّق مشاعر الحرية والنهضة لدى الأردنيين .
وها هو الأردن اليوم يواصل مسيرة البناء والتقدم والرقي في عهد صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني ، اعز الله ملكه وأدامه وجعله سندا وذخرا، للأردن وأهله والأمة العربية جمعاء . آمين .