العنقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


ادارة مؤتمرات ندوات تنظيم مهرجانات فنية وعقد دروات في مختلف المجالات الحياتية الانسانية
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قبل أن يودع الحياة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 152
تاريخ التسجيل : 06/02/2012

قبل أن يودع الحياة Empty
مُساهمةموضوع: قبل أن يودع الحياة   قبل أن يودع الحياة Emptyالسبت مارس 03, 2012 4:36 am

قبل أن يودع الحياة
*** بقلم الصحفي غالب سالم عيا صره


انتابه قلق شديد بعد أن أخذت صحته تتردى وقواه تخور وتضعف ، تعلقت نفسه بالحياة وفي الأشياء التي يمتلكها ، فهو لن يتخلى عنها يريدها لنفسه أولا ، وان تكون لأولاده الذكور من بعد رحيله ، دون أن ترث البنات أي شيء من تلك الأموال أو الممتلكات ..

ساعة قادمة لا محالة لا يعرف متى ستأتي ...أيسبق الموت إلى دائرة الأراضي ؟؟ ويضع كل شيء تحت تصرف أبناءه أم أن الموت سيمنحه فرصة لدقائق معدودات ؟ يقدم كل ما جمعه من إلى أبناءه الذكور ، حتى لا يذهب إلى أزواج بناته على حد تعبيره وتصوره ، ثم يودع الحياة !! حديث ذاتي لا ينقطع ولا يغيب عن باله لحظة ..

هاجس يأتيه في نومه وعند الصحيان، يعكر صفوه .. يجعل ريق حلقه مرا بعد أن كان حلوا .. يحاكي نفسه بصوت عال ، كمن أصابه مس من الجن أو فقد عقله ...تعب حياته يذهب للبنات ... للناس الآخرين .. أولادي أهم ، ما بدي أعطي ولا شبر من الأرض للبنات ، مالي جمعته بعرقي وراحة يدي..البنات أخذن حقهن بالزواج وربيتهن.. كلام يردده كل ساعة على مسامع من يطلبه أن يعدل مع البنات .

مضت أيامه بين الخوف من الموت والأمل في أن يمد الله في عمره ، ساعات عصيبة يعيشها .. فتراه مزهوا متهللا في الصباح ،وما أن يقبل المساء حتى تصيبه الكآبة والضجر.. يصلي لله كل الصلوات .. حج ..وصيام .. إلا أن الأرض حياته وجزء من كيانه ، لا يرى أن بناته جزءا منه ، بل هن ملك لأزواجهن هذا اعتقاده لا يتزعزع ، بقي يصارع الحياة ...يسابق الزمن .

حتى جاءه قدر الله فجاءة ، وأطبق على صدره .. وضاق واحتبس الدم في أوردة جسمه ، فأصبح يتمرغ على الأرض ، ركض لفيف من الناس إليه حيث سقط ..مزقوا ملابسه عن صدره .. راح احدهم يضغط على قفصه الصدري بقوة ، مكررا.. مرات ثم مرات .. وآخر يركض لإحضار سيارة لنقله إلى اقرب مستشفى.. وبين الضغط المتواصل والتنفس الاصطناعي ، فاق من نوبته القلبية ، وهو يصيح ..ارضي .. مالي .. نادوا لي أولادي ... إلا أن أحدا لم يأبه لما يقول .

كان همهم الأول هو إنقاذ حياته ، وضعوه في سيارة وانطلقت إلى المشفى ، حيث ادخل إلى غرفة العناية المركزة ، كانت الساعة التاسعة صباحا ، هرع أولاده إلى المشفى ، دخلوا إليه فخاطبهم قائلا :"هاتوا لي ورقه اكتب كل شيء باسمكوا قبل ما أموت " هكذا كان يردد ويصيح بأبنائه ، وما هي إلا بضع دقائق ، أسرع احدهم إلى دائرة الأراضي ، واصطحب موظفا من موظفيها إلى المستشفى ، وكافة الأوراق اللازمة ، وبسرعة جهزت المعاملة .. مد الأب يده ووضع بصمته على الأوراق متنازلا عن كل ما يملك ، من عقارات وأراض لأبنائه دون بناته ...وهن ينتظرن شفائه .. يمددن أيديهن إلى السماء ليشفيه الله ويعيده سالما من تلك النوبة القلبية .

خرج الأولاد والموظف بعد أن أصبح كل شيء باسمهم من غرفة العناية المركزة ،وجوههم باسمة فرحة ، وكأنهم منحوا الحياة .. أسرعن وقد رأين مظاهر الفرح كست وجوههم ، تسائلن كيف أبي ؟ إلا أن أحدا منهم لم يجرؤ على الإجابة .. صمتوا ...كررن السؤال مرة أخرى ولا جواب ، أدركن أن أباهن ليس على ما يرام.. صحن جميعا توجعا وألما ... وانسحب الإخوة من أمام غرفة العناية المركزة إلى باحة المشفى ، ثم ركبوا سيارة وذهبوا مسرعين إلى احد البنوك ليأخذوا ما تبقى من المال ، قبل حصول الوفاة بعد أن منحهم وكالة بالتصرف بماله ، ومكثن بناته متسمرات أمام غرفة العناية الحثيثة , بدأت ساعة الانتظار تدق دقات بطيئة ، بانتظار المجهول..وبعد ساعة من الانتظار خرج الطبيب من غرفة العناية الحثيثة ، وفزعن إليه يتوسلن أن يطمئنهن ، فأجاب: أبوكن وضعة الصحي في تحسن ..إن شاء الله يكتب له الحياة ..وضعه مستقر.. " إحنا رح نضعه تحت المراقبة لمدة أربعة وعشرين ساعة ، وما في مانع من الدخول إليه ، لكن لا تكثرن الكلام معه " ،وهكذا ختم تقريره وانسحب .

كانت كلماته كمن يزيح صخرة عن صدور البنات ، أحسسن بالراحة ، وانشرح صدرهن ، ثم دخلت إحداهن ووقفت إلى جانبه مدة خمس دقائق خاطبته وخاطبها ، ثم خرجت .. مضت المهلة التي حددها الطبيب للمراقبة ولم يحدث أية مضاعفات ، وفي اليوم التالي قرر الطبيب أن وضعه الصحي تحسن وان بقاءه في المستشفى لا ضرورة له ، وكتب له علاج.

خرج من المشفى لا يملك شيئا من الدنيا ، حرم بناته من حقهن في الميراث !! فحرمه الله من ماله وأملاكه في الدنيا ، وكتب له النجاة والحياة ، ليذيقه من مكره ... عاد إلى بيته ضيفا .. وضاقت به الحياة فطلب من أبناءه الذكور أن يعيدوا له بيته ، ليأخذ إسكانه العسكري ، كونه حق مكتسب ، فهو مشترك .. ثم يعيد البيت إلى ابنه ، فما كان منه أن رد عليه قائلا : " هذا الكلام بعيد مثل أمل إبليس بالجنة ، شو يضمن لي ذلك ...لم يتحمل تلك الكلمات المُرة ، فوقعُها كان سكينا يقطع أوصاله ، ترك ابنه وسار بضع خطوات ، ثم وقع على الأرض ، فكانت أخر كلماته وأنفاسه ، وأما البنات مع كل الذي أصابهن من ظلم أبيهن إلا انهن احتسبن ذلك عند الله وارتفع أصواتهن بالبكاء
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://gale.jordanforum.net
 
قبل أن يودع الحياة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  سئمتُ تكاليف الحياة
»  كيف تكون ناجحا في الحياة
»  سئمتُ تكاليف الحياة ومـن يـَعِـشْ
» صوتها يحاكي الحياة *** بقلم الصحفي غالب عيا صره
» صوتها يحاكي الحياة *** بقلم الصحفي غالب عيا صره

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
العنقاء :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول-
انتقل الى: