العنقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


ادارة مؤتمرات ندوات تنظيم مهرجانات فنية وعقد دروات في مختلف المجالات الحياتية الانسانية
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 المولود أنثى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 152
تاريخ التسجيل : 06/02/2012

المولود   أنثى Empty
مُساهمةموضوع: المولود أنثى   المولود   أنثى Emptyالإثنين فبراير 06, 2012 3:44 pm

[center]المولود أنثى
الصحفي : غالب سالم عياصره
ارتفعت ثورة النفس وهياجها ، صراع متصاعد كالبركان يقتلع كل شيء ، يغطي النفس بعواصف الغضب والثورة ، تتكالب الأفكار وتتحد في خلايا دماغ ، مملوء بالكثير من المشاهد الحزينة والأليمة ، مشاهد الشتم والسب ، مشاهد الضرب المبرح والزجر والصراخ ، امتهان الكرامة والعزة الإنسانية ، كبت الحرية والحرمان والظلم المستبد والمستمر إلى ما لا نهاية ، أصيب المخ بالشلل فلم يستوعب كل ما يلقى من الم ، والنفس ترفض القسوة بكل أشكالها ، تقاوم من اجل أن تبقى منضبطة أمام مجتمع لا يرحم ، لا يبحث عن حقيقة ما يحدث ، يرسل لسانه الطويل بالكلام والاتهام ويرسم أخيلة من نفسه ، ثم يصدرها إلى مسامع الآخرين ، فتصبح الكلمة كلام ،.
قوة تتصاعد داخل النفس، تتحدى وتتصدى ، ماردا استبد وتمدد عبر عقود من الزمن على الصدور، يأمر وينهى، يقمع كل من خالف وخرج بالحق. لسانه عُرف أزلي باغ ، ظلم العباد ، كبح حرية النفس المتأججة الوثابة للمعالي ، فالعُرف وأتباعه لا يؤمنون بالحرية ولا بما جبلت عليه النفس البشرية من طبائع لا تنثني وإن انحنت ردحا من الزمن ، إنها تتوقد شررا ينطلق مضيئا بناره الفضاء ، يحرق من يكافحه .. يحاصره ..ويحاول منعه ببناء جدران القوانين . والمجتمع غافل عاجز عن رفع ذرة ظلم ، وفك عقدة من عُرف هيمن على عقولنا وحياتنا ، فمن العُرف أن تكون الفتاة خادمة لإخوانها الكبار والصغار ، وإن كان لديها من الواجبات والعمل ما يثقل كاهلها ، والعرف يتطلب أن نقف إجلالا لمن يولد ذكرا ، نذبح ونبتهل ونقيم السهرات ، وفي المقابل يلفنا الحزن ، يتوارى بعضنا عن الأعين خشية إن يسأله الناس عن جنس المولود ، يجلس في بيته لا يسمع صوتا مباركا فالمولود أنثى ، ومن يريد أن يهنئ يتردد مرات ومرات ، ثم يتأسى كأن العائلة أصيبت بفاجعة بقوله :" حمد لله على سلامة الأم " . ويكبر عُرفنا يوما بعد يوم . فهم خاطئ لقوله تعالى : " للذكر مثل حظ الأنثيين " . فلا نعدل بالقسمة ولا بالمعاملة ولا بالكلمة. جلست .. في داخلها ثورة تتنامى بين الضلوع ، حديث ، صراع .. وضع لا يطاق .. لم يبق إلا الخروج عن المألوف.. حانت ساعة الانتفاضة .. الرفض والتحدي، جمعت قواها وعزمت أمرها على المواجهة مع أبيها، الذي لم يترك حبل حب إلا وقطعه، ثم توج أعمال ظلمه بالزواج على أمي المريضة التي هي في اشد الحاجة إليه.. منعني من إكمال دراستي الجامعية، بحجة البنت نهايتها بيت الزوج، كل ذلك طاف بذاكرتها كلمح البصر..شعرت أن السكوت على الظلم مشاركة للظالم فيما يفعل ، فاندفعت إلى أبيها وخرجت عن صمتها قائلة : " حرام عليك أحنا مش عبيد ولا شغالات أحنا بناتك " وما أن تناهى الصوت إلى مسامع أبيها ، حتى علا صوته يقطع صمت المكان ، وانتفخت أوداجه وشرايينه كادت تنفجر من شدة الصراخ ، تسمرت ابنته أمامه ، ولم يعد يرى أي شيء ، رفع يده للأعلى وبكل قوته انهال عليها ضربا ، يد تنزل وأخرى ترتفع ، ورجل تركل ، ولسان يهدد الزوجة المسكينة " تكوني طالقا إن دافعت عنها لا تقربي مني " والصبية تصيح بأمها .. اتركيه يا أمي لا تقتربي ،أنا بدي يفش غله ، زهقنا من السكوت ، متنا من الخوف خليه يعمل اللي بده اياه ، أنا مش خايف وبطلت أخاف " وهو يتابع الضرب ممسكا بيدها خوفا أن تهرب من شدة الضرب والألم .. بقيت مصرة بأنها لن ترضخ ..لن تستسلم ، للقسوة و للظلم ، فسحبت يدها من يده بقوة ، وأطلقت أرجلها للريح هربا من تهوره ، ركض خلفها برهة ثم تركها وعاد إلى العمل ، يسب ويشتم.. "إلى جهنم .. وين بدك تروحي . بتيجي على الدار " كانت كلماته تسبقها وهو يتوعد ويرعد ، تابعت الركض حتى توارت عن نظره ، توقفت برهة تتفقد نفسها ترتب ملابسها الرثة وتلتقط أنفاسها ، ثم تابعت المسير مع شارع ترابي خلا من الناس والحياة إلا من الأشجار الكثيفة التي فيها مؤانسة أكثر من الناس ، كانت تعيد الحياة والأمل والرجاء.
سارت وسارت وهي تشعر بأن كل شيء يلاحقها ، وكل شيء انتهى لتبدأ معركة تحقيق الذات ، وأخذت الشمس مسارها للمغيب ، واقبل الليل يلقي بظلمته شيئا فشيئا ، يا الهي !! أين سأذهب ؟كيف أبيت خارج البيت الذي ضمني سنوات ؟ صمتت للحظات ..استرجعت. الكلمات الأخيرة وهو يتوعد .. انه أبي ..اعرفه لن يتغير ، حملت نفسها ودخلت إلى بيت تحت الإنشاء مختبئة في إحدى حجراته ، تراقب كل شيء يتحرك ،فالمكان مظلم وموحش و الليل أضحى يطول ويطول ونهش الجوع أحشائها ،فهي منذ صباح الأمس لم تتناول شيئا ، وليس معها ما يسد جوعها وعطشها ، ثم أصرت في نفسها الجوع مفضلة اياه على العار . باتت ليلتها تفترش الأرض وتلتحف السماء ، ومضت الساعات ثقيلة إلى أن جاء صوت الحق ينادي"حي على الصلاة " نعم أنها ساعة الفرج، انتظرت قليلا ريثما تبدأ حركة المارة في الشارع ، واندفعت إلى مصلى النساء جالت في نظرها فلم تر أحدا فطمأنت نفسها واستقرت وأحست بالأمن ، الحمد لله فلو كان من يعرفني لأخبر أهلي عن وجودي ، وأنهت صلاتها ثم انسحبت دون أن يشعر احد بوجودها إلى مخبئها ، اتكأت إلى زاوية تبكي ، ثم أقنعت نفسها بان البيت هو مصيرها ،تركت المكان وشدت الخطى قبل أن تنساب أشعة الشمس على الأرض ، وقفت أمام باب البيت وإذا بصوت أبيها ما زال على حاله ، يزمجر، ويهدد ، ويتوعد سوف اعمل واعمل سمعت هذا الصوت الحانق ، دب الرعب في نفسها خافت ، فاستدارت وانطلقت مذعورة عائدة من حيث أتت ، ذاع الخبر من شخص لآخر ووقف أهل الضمائر الحية والمروءة أمام الظلم ، وراحوا يبحثون بكل مكان عنها وقبل المغيب شاهد احدهم خيالا يلتصق بإحدى الأشجار ،تحرك باتجاهه دقق النظر ،وإذا بتلك البنت الأبية الطاهرة العفيفة تخفي نفسها ،كي لا يراها ذئب بشري طامع ... حياته مقصورة على الشهوات ، لتذوب مع جذع الشجرة وقد شحب وجهها ونحل جسدها من الجوع والخوف العطش فأمنها من أن تطالها يد بعد الآن.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://gale.jordanforum.net
 
المولود أنثى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
العنقاء :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول-
انتقل الى: