قصتـــــــــي مع الأخطبوط
*** بقلم امل زغل
أذرع شائكة ...قاسية ..متشابكة ..تحيط بأرجاء المكان ...بصمات متشابهة ...متقاربة ..تغلف كل أروقة الجدران .
صمت رهيب ..يعم المكان ..فليس هنا سوى فحيح الأفاعي ..ونعيق الغربان ...خوف و فزع ..يكتسح أنسجتي ..وكياني ..فيمزق مني ..حتى الشريان ...سراد يب ملتوية ..معتمة ..باردة ..أسير بها وحدي ...فأجهل الزمان ..وأضل المكان ..فترتعش مني الأوصال ..وأفقد رشدي ..فأتوه في الظلام ..أتوه بين صدى الكلمات ..وأتخبط بين سهام المؤامرات ..فأهيم على وجهي بالفرار..من شظايا اللهب ..التي كادت تحرقني ..وتشوه مني الملامح والصور ..فاللهب حار ..والشظايا متطايرة بجنون ..وأنا ..أنا وحدي في الميدان ..
أفيق من فزعي ..على ترانيم الأشجان ..وفزع الأشجار..لأجد نفسي ..مجرد ذكرى عابرة ..من غابر الأزمان ..ذكرى لمن كان ..فرس أصيل ..وصقر لا يرضى بالعيش أبدا"..سوى في قمم الجبال ..
أما الآن فأصبح فريسة..للذئاب و الجرذان ..فيعلو صوتها ..وتبدأ تعيث الأرض بقذارتها ..فتستعد للهجوم ..بكل وحشية ..لا بل ..أكثر من ذلك ..لتقتص ..ممن ؟؟ممن أصبح الآن ..مجرد ..ذكرى لإنسان ..
الإخطبوط ..يظهر ماثلا للعيان ..أمام الخلق في وضح النهار ...لماذا ؟؟ ليستأ سد ..ويزمجر ..ويتوعد ويهدد ...ذلك الإخطبوط ذو الخمسون ذراعا "...يلملم أذرعه ..المتشابكة ..المبعثرة .. المتخاصمة على الدوام ..المتناثرة في أرذل البقاع ..والتي بدأت تكتسح أرضي ..وكوخي ..وتلملم ..مني ..أغلى الآثار ..آثار مجدي ..وتذاكر طفولتي ..وأوسمتي التي جمعتها ..في سالف العصور ..وغابر الزمان ...
يقف ..يروقني بتلك النظرات الممتلئة ..بالحقد ..وحب الانتقام ..يعتز بقسوته ..ويتباهى بهمجيته ..ويستعرض أمامي ..بأذرعه الكثيرة ..ليخيفني ..ليقتلني ..قهرا ورعبا" ..يلوح بأسهمه الحادة ..وسكاكينه القاتلة...فيحسبني ..سأرتمي جزعا"..بل وينتظر مني أن أرفع راياتي البيضاء ..ومن غفلته يحسبني أهرول نحو المدفن ..لأحفر قبري بيدي ..ولكنه ما علم أبدا" ..أنني بالفعل سأحفر قبورا"..وقبورا ..له ,,ولكل أذرعه ..وسأبقى في مكاني ..عشرات ..بل ..مئات من السنين ..أنتظر احتضاره ..أو تبعثر أوصاله ..
فمهما تدافعت ..نحوي كالتيار ..مهما رميتني أيها الأخطبوط ..بالحصى والحجار ..مهما حفرت حولي المكائد ..وخرقت الأرض ..وغصت في عمق البحار ..لن تعييني ..فأنا الصبر ,وأنا النور والأمل ..وصرح الاحتمال ..
وأنت ..لن تروم مني ..غير القهر ..والانهزام ..تعست أيها الجبار ..والى مزيد من الفشل ,,والانكسار ..
أمل زغل