البطالة والجوع قنبلة يتسارع خطرها الصحفي *** بقلم غالب سالم عيا صره
تعتبر البطالة من اشد المخاطر التي تهدد استقرار و تماسك المجتمعات وتختلف أسبابها من مجتمع لآخر،. فهي ترجع لأسباب اقتصادية، اجتماعية و أخرى سياسية. وهي آفة اجتماعية تنغص حياة عشرات الملايين من الناس في العالم، وتجلب لهم الإخفاق والعجز والتعاسة والفاقة والمشقات القاسية. وقد وصلت البطالة في الأردن حوالي 12%. حيث ساهمت التقنية المعاصرة في إعداد جيش من العاطلين عن العمل . الذي بدوره عمل على زيادة المشكلات الاجتماعية الأخرى كالإدمان وتناول المخدرات واللصوصية وتخريب الأسرة والانتقاص من قيم العمل وغيرها ، حتى رست مراكب بعضهم على شواطئ الهجرة والغربة .
ومشكلة البطالة التي ما زالت تهدد بانفجار اجتماعي خطير ، يتسارع خطره كلما بعدنا عن العاصمة ، مركز العمل والتجارة ، واتجهنا إلى المحافظات النائية والأطراف ، حيث لا توجد شركات ومصانع كبرى ومشاغل وحتى شركات حكومية . وازدادت حدة المشكلة أن أوقفت الحكومة التعيينات " في مختلف الوزارات والمؤسسات ، باستثناء وزارتي الصحة والتربية والتعليم، اللتان تلتقيان عند بداية طوابير الخريجين المتراكمة فوق بعضها بعضا لتشكل معاناة شبه يومية . فالبطالة قنبلة فقدت صمام أمانها بتفاقم صفوف الجامعيين وانعكس ضررها على المجتمع اقتصاديا لعدم استغلال طاقات الشباب.
واجتماعيا أن انقسم المجتمع إلى أغنياء يزدادون غنى وإلى متعطلين فقراء يزدادون فقرًا،مما يثير الأحقاد، وينشر الجرائم.
أما من الناحية النفسية فَقَد الشباب الثقة في أنفسهم وقدراتهم، فانعزلوا عن المجتمع، ولم يجدوا طريقًا إلا الاكتئاب أو الانحراف.
و الأردن كغيره يعاني من البطالة بأنواعها وصورها المختلفة ، بدءا من البطالة الهيكلية التي هي حالة من عدم التوافق بين فرص التوظف المتاحة ومؤهلات وخبرات العمال المتعطلين الراغبين في العمل والباحثين عنه, مرورا بالبطالة الاحتكاكية بسبب إحلال الآلات محل العمال في بعض الصناعات, , والمقنعة. وتتمثل بحالة من يؤدي عملاً ثانوياً لا يوفر لهُ كفايتهُ من سبل العيش، أو إن بضعة أفراد يعملون سوية في عمل يمكن أن يؤديه فرد واحد أو اثنان منهم.
ولم تأت هذه الظاهرة من فراغ بل هي وليدة ارتفاع معدلات الأمية التقليدية, وزادت مع تطور ثورة الاتصالات والمعلومات, التي مست الهيكل البنيوي الاجتماعي, وعززت الفجوة المستمرة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل, , بالإضافة إلى ارتفاع معدلات النمو السكاني, ويشير التقرير الصادر عن منظمة العمل الدولية، أن نسبة البطالة بين صفوف الشباب العربي تبلغ 27% ويعزو سبب ارتفاع نسبة البطالة بين هؤلاء الشباب إلى عاملين رئيسين: افتقار معظمهم إلى المهارات الوظيفية المطلوبة رغم الارتفاع الملحوظ في مستوى التحصيل العلمي، ودخول العمالة الأجنبية الوافدة على خط المنافسة المحسومة سلفاً لصالح هذه العمالة على صعيد المهارات ومستوى الأجور والاستعداد للتكيف مع ظروف لا يتقبلها الشباب ولمواجهة مشكلة البطالة في الأردن لا بد من الاستخدام الأكمل والأمثل للطاقات الاقتصادية القائمة ، ومساعدة الصناعات الصغيرة ، والنهضة بالعمالة في القطاع التقليدي ، بالإضافة إلى الإصلاح الزراعي وتوحيد آليات خلق فرص العمل الدائمة ، التي من شأنها أن تؤثر على النمو الاقتصادي في المدى الطويل ، وزيادة معدلات الاستثمار في الاقتصاد لتخفيض نسب البطالة .
